تاريخ التحول الديموقراطي في أوروبا


بقلم..احمد عدلي تمام

كيف عانت الدول قبل الديموقراطية ؟
منذ قديم الأزل ، عانت شعوب العالم من سيطرة الأنظمة الشمولية
علي السلطة ، مما كان له أثر كبير على الحياة السياسية و الحريات الشخصية والسيطرة
علي مؤسسات الدولة وتضييق الخناق على المواطنين ، واستمرت تلك الأنظمة في إحكام قبضتها
على الدولة ومؤسساتها حتى أتت موجات التحول الديموقراطي فأنقذت الشعوب الواعية من براثن
الشمولية وحررتها من أغلال التسلط والدكتاتورية.
فالثورة الفرنسية قامت ضد النظام الملكي الذي أعطى امتيازات
للطبقة الأرستقراطية ومكنها من السيطرة أكثر وأكثر علي موارد الدولة علي حساب طبقة
الفقراء التي ازدادت فقرا وجوعا فاندلعت الثورة عام 1789 ضد الملك لويس السادس عشر
رافعةً شعار الحرية ، الإخاء ، المساواة
-ما هي العوامل التي ساعدت علي التحول الديموقراطي؟وهل كان التحول داخلي أم خارجي ؟
في عام 1828 بدأت الموجة الأولى من التحول الديموقراطي في
الولايات المتحدة ، حيث مُنح السود الحق في الإنتخاب بعدما حُرموا منه لسنوات نتيجة
سيطرة الرجل الأبيض علي زمام الأمور وممارسة الاضطهاد العنصري نحوهم لسنوات .
وفي ألمانيا دعا النظام النازي إلي محاربة الفكر المخالف
للنازية كالليبرالية والماركسية وضيّق الخناق علي المفكرين وأصحاب الرأي المخالفين
لتلك الأيدولوجية ففي عام 1933 وصل هتلر إلي سدة الحكم وفي تلك الفترة قام شباب نازيّ
بحرق مجموعة من الكتب لاينشتاين وفرويد وماركس ، حيث كانت تلك الحملة مدعومة من الحزب
النازي ، وكان تعليق فرويد “التقدم الذي وصلت إليه أنه في العصور الوسطى كانوا
سيحرقونني، أما الآن اكتفوا بحرق كتبي”، وبعد الحرب العالمية الثانية تحولت دول
غرب أوروبا ومنها ألمانيا إلي النظام الديموقراطي ، فانهار حائط برلين عام 1989 والذي
كان فاصلا بين الديموقراطية والشمولية حيث كانت ألمانيا الشرقية شيوعية والغربية نازية
.
أما بلدان شرق أوروبا ، وبعد الحرب الباردة وانهيار الإتحاد
السوفييتي عام 1991 شمل النظام الديموقراطي كل تلك البلدان بعدما كانت تعاني من الشمولية
إلي أبعد الحدود فقد كانت تعمل بنظام الحزب الواحد والملكية العامة للاقتصاد و سيطر
الحزب الشيوعي علي البرلمان وبالتالي كان صاحب القرار والمتحكم في العملية السياسية
لعقود .. ثم انتشر الوعي الديموقراطي بين فئات الشعب ، ذلك الوعي الذي كان قائما علي
الحرية وحقوق الإنسان فوقف سدا منيعا أمام الأيدولوجية الشمولية مما سمح لدول الاتحاد
السوفيتي لممارسة الديموقراطية عقب سقوط الاتحاد السوفيتي وقيام مجتمع مدني متماسك
،قوامه تكتلات سياسية تحررت من القمع والتسلط الأمني وتم ذلك بقيام انتخابات علي قدر
من الشفافية عن طريق الأنظمة المختلطة فأعطي ذلك شرعية للمعارضة بدخول البرلمان والمساهمة
في صناعة القرار.. كما ساعدت عوامل خارجية علي إتمام العملية الديموقراطية مثل المساندة
الغربية من الدول التي لها مصالح في هذا التحول الديموقراطي كالولايات المتحدة.
أما التجربة الإسبانية كانت مختلفة قليلا ، حيث شهدت أسبانيا
حكم الجنرال فرانكو بعد نهاية الحرب الأهلية هناك واستمر في حكمه إلي أن تنازل عنه
للملك خوان كارلوس الذي قاد عملية إصلاح داخلية لمعالجة ما أتلفه الجنرال السابق الذي
اعتقل المعارضة السياسية وقمع أصوات المخالفين ، فتصالح الملك مع المعارضة وأفرج عن
المعتقلين وشكّل وزارة تتوافق عليها القوى السياسة والتي وضعت قانونا انتخابيا جديدا
فأُجريت انتخابات برلمانية فاز بها الحزب الحاكم وتنازل الملك عن كثير من صلاحياته
لصالح البرلمان والحكومة .
خلاف سياسي او ديني ..
الديموقراطية هي نقيض الشمولية والتسلطية وهذا الإختلاف جعل
الصراع السياسي يحتدم بين الفريقين فالديموقراطية تؤمن بالحرية الشخصية وتعطي مجالا
للرأي والرأي الآخر علي عكس الأيدولوجية الشمولية التي تؤمن بنظام الحزب الواحد وتكمم
أفواه المعارضين ، وعند زيادة الوعي الشعبي بأهمية الديموقراطية يصبح هذا الوعي ضغطا
علي النظام الحاكم لأن لمطالبة الجماهير بإصلاحات سياسية عادة ما يرفضها النظام فيؤدي
ذلك للقيام بالثورات الشعبية أو دعم مرشح آخر لاستبدال النظام الحاكم بآخر يجعل الديموقراطية
هي الركيزة الأساسية في نظام حكمه وظهر هذا ما ظهر في الثورة البرتقالية في أوكرانيا
بعدما توحدت صفوف المعارضة منذ 2001 خلف يوتشينكو المرشح المعارض للنظام الحاكم .

Related posts

Leave a Comment