ما وراء “مبادرة المهزوم”.. على من يراهن خليفة حفتر؟!

كتب.. سيد امين


ويراهن حفتر، الذي يعلم يقينا أن مبادرته مرفوضة لكونها مناورة مكشوفة تهدف لنجدته، على كسب بضعة أيام لحين اعادة التمركز.

في الواقع أن المبادرة المصرية لحل الصراع في ليبيا تقدم ترياق الحياة للجنرال العجوز خليفة حفتر بعد الانهاك الذي لاقته قواته والفرار المتكرر من قاعدة لقاعدة ومدينة إلى مدينة، وتساقط قلاعه العسكرية بشكل درامي أمام الجيش الليبي الشرعي في طرابلس.
ورغم أنه من المستغرب أن يطرح الطرف المهزوم مبادرة سلام تضمن بقائه في المشهد، دون أن يمتلك القوة التي تجبر المنتصر على ابقائه حيا وعدم الاجهاز عليه، إلا أنه أيضا – يا لغرابة – يقدم مبادرة لا تسعى لحل الصراع في ليبيا جذريا، ولكن فقط تؤجله إلى حين، وهو بالطبع ما سيرفضه الطرف المنتصر، وقد رفضه فعلا.
 فمن الواضح أن تأجيل الحرب لمدة عام ونصف، هي عمر الفترة الانتقالية في المبادرة، يقصد من ورائها أن يلتقط حفتر أنفاسه، وخلالها ستعمل القوى الدولية والاقليمية الراعية له على تغيير المشهد العسكري الداخلي لصالح الجناح الموجود فيه، وتعقيد المشهد الدولي أمام الأتراك والحيلولة دون تدخلهم في الصراع الليبي متى اندلعت الحرب فيه مجددا، أو متى وقع انقلاب عسكري على المجلس الرئاسي المقترح، كما فعل حفتر نفسه على المجلس الحالي.
ويراهن حفتر، الذي يعلم يقينا أن مبادرته مرفوضة لكونها مناورة مكشوفة تهدف لنجدته، على كسب بضعة أيام لحين اعادة التمركز في مرتفعات الرجمة شرق مدينة بنغازي، ودعم وتأمين الحمايات العسكرية فيما تبقى لديه من مدن، حتى يمكنه من خلالها الامساك بأوراق تفاوض وضغط، أو القفز لعملية اعلان حكم ذاتي عليها، والتلويح بتقسيم ليبيا أو تنفيذ ذلك بالفعل.
كما يراهن أيضا على استصدار قرار من مجلس الأمن يلزم الحكومة الشرعية بوقف العمليات القتالية والقبول بمبادرة القاهرة.
ومن المخاطر التي يجب على الجيش الليبي الانتباه لها جيدا، وربما يراهن على حدوثها حفتر أيضا، هو أن يتمدد في المدن المحررة على تلك الرقعة الهائلة من الاراضي بشكل يفوق طاقته التأمينية، وأعداد قواته، ودون أن يهيئ لها دفاعات قوية، فتصبح نهبا للعمليات الارهابية والفوضى، وحرب العصابات، ولذلك ينبغي عليه ألا ينتقل من تحرير مدينة إلى أخرى دون الامساك تماما بزمام أمور كل مدينة محررة.
كما ينبغي على الجيش الليبي سرعة تجريد قوات حفتر من المناطق النفطية والاستراتيجية، مستغلا انهيار معنوياتها بسبب الهزائم التي  منيت  بها، وقبل التدافع الدولي المتوقع حدوثه الأيام المقبلة، الذي سيرفض أي حرب بجوار تلك الآبار، وستكون ورقة رابحة يلعب بها حفتر. 

Related posts

Leave a Comment