غسيل الاموال في الدول المتقدمة لا يستطيع أحد إظهار مبلغ كبير من المال فجأة وإلا حاصره سؤال “من أين لك هذا؟” فإذا استطاع أن يبرر طريقة الحصول عليه بشكل شرعي فهذا جيد وستأخذ الحكومة منه الضرائب المناسبة حسب طريقة تحصيله للمال، أما إذا لم يستطع فسيتم التحقيق معه.
لهذا فعندما يحصل أحدهم على مبلغ كبير من نشاط لا يريد أن يفصح عنه (سواء كان قانونيا أم لا) فإنه يتجه إلى غسيل هذا المال، ويعني ذلك أنه:
- يشتري شركة عادية (بالمبلغ الذي يسمح له به وضعه المالي الأصلي المعروف عند الحكومة)
- ويقوم بتسجيل صفقات ومبيعات وهمية كبيرة تقوم بها هذه الشركة مع عملاء وهميين أو من معارفه
- ويدفع هو أموال هذه الصفقات عن طريقهم للشركة كأنه هو العميل
أي أنه يتحول إلى عميل لنفسه فيشتري بأمواله غير القانونية خدمات ومنتجات من شركته القانونية هذه، بهذا تكون النقود قد تحولت من نقود غير قانونية لا يمكنه إظهارها والاستمتاع بها إلى نقود قانونية نظيفة جاءت كمبيعات للشركة التي نجحت.
أما إذا كان المبلغ صغيرا فيقوم بإعطائه لشركة كبيرة ويتم توظيفه فيها كاستشاري ليقبض راتبه من هذا المال، بالنسبة للشركة فمن السهل أن يظهر المبلغ الصغير بالنسبة لها تحت أي مسمى.
تأثير هذا على الاقتصاد سيء جدا على المدى المتوسط والبعيد، فرغم أن غسيل الأموال يعني دخول أموال إلى السوق وبالتالي يحدث انتعاشا في قطاعات استهلاكية وإنتاجية مختلفة على المدى القصير إلا أن هذه هي النتائج النهائية:
- إعطاء انطباع عن ازدهار بعض المجالات ونموها في حين أن ما يسيطر عليها هو غسيل الأموال (مثل مجال التطوير العقاري في بعض الدول)، فلا تكون هناك نهضة حقيقية في هذه المجالات، وبمجرد وقوع البعض تحت طائلة القانون يبدأ المجال في التراجع.
- وجود ميزات تنافسية غير عادلة لدى الشركات التي تعمل كستار لغسيل الأموال ضد الشركات التي تعمل بنزاهة، فتتمكن الشركات الأولى من العمل والبيع بأسعار لا يهمها منها الكسب، في حين لا يمكن للشركات المحترمة النزول بالسعر تحت مستويات معينة، فتكون النتيجة تعثر هذه الأخيرة وخروجها من السوق.
- انتشار هذه الثقافة وسهولة ممارستها دون عقاب سريع وصارم من شأنه أن يساعد على نشر الجريمة وكسب الأموال من طرق غير مشروعة على حساب الاقتصاد الحقيقي والاستثمارات النزيهة.
تخيل أن مصطفى أصبح تاجر مخدرات, لأنه يريد أن يصبح مليونيرا في عمر صغير لكي يستمتع بالمال.
مصطفى بدأ يشتري ويبيع المخدرات وبدأت أرباحه تزيد.
أول التجارة, كان مصطفى تاجرا صغيرا. كان يستمتع بالربح القليل عن طريق الذهاب الى المطاعم الفاخرة والمحلات التجارية والدفع نقدا. حتى أنه اشترى سيارة جديدة ودفع نقدا. وذهب مرة الى جزر المالديف لأنه سمع الناس تقول عنها أنها جميلة, ولكن بعدما ذهب اكتشف أنه يخاف من البحر ولم يقترب منه وبقي في الفندق.
بدأت تجارة مصطفى تزدهر وأصبحت أرباحه تتضاعف, وأصبحت كمية الأموال النقدية التي يمتلكها كبيرة. أين سوف يضع مصطفى هذه الأموال, وكيف يصرفها؟ لا أحد يستطيع أن يصرف ملايين على المطاعم. ثم ان مصطفى يريد أن يشتري قصرا فيه بركة سباحة, ويريد 4 سيارات ويخت.
فكر مصطفى أن يضعها في البنك. ذهب عدة مرات وقام بإيداع 20 ألف دولار.
ولكن مصطفى يجلس على ملايين الدولارات في المنزل, حيث أنه صنع سريرا من الأموال, وحتى أنه يستعمل المال بدل المناديل الورقية أحيانا. اذا قام مصطفى بوضع هذه الأموال في البنك, سوف يسأله البنك “من أين أتيت بهذا المال؟ المبلغ الذي تريد ايداعه تحتاج أن تعمل 30 عام بدون أكل وشرب لكي تجمعه. من وين يا أبو صطيف؟”, وسوف يخبر دائرة الضرائب أن مصطفى “يلعب في ذيله”.
لحل المشكلة, يقوم مصطفى بفتح متجر صغير, أو عمل خاص ويقوم بفبركة عمليات شرائية وصفقات ليبرر مصدر الأموال التي يمتلكها. طبيعة الأعمال والصفقات التي يفبركها تعتمد على كمية المال الذي يملكه.