كيف كان العرب قبل الإسلام؟

كانت الجاهلية ظلامً دامسًا، وضلالًا مبينًا، وجاهلية عمياء وعصبية ممقوتة، قال عز وجل ” وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين “.

وإني لأعجب من حديث كثير من العلماء والدارسين، وهم يؤرخون للعصر الجاهلي، ولحال العرب قبل الإسلام، فيصفون العرب بأنهم أهل الوفاء، والأمانة، والكرم، والحلم، والعزة، والإباء.. إلخ ، تلك الأخلاق الحميدة.

وأقول : كلا!

1. لو أن الأمر كذلك حقًا فلمَ لم نجد إلا كريمًا واحدًا هو حاتم الطائي؟ولا وفيًا إلا الحارث ابن عباد؟ ولا شجاعًا إلا عنترة، وعددًا يعد على الأصابع؟ إنها إذًا صفات نادرة فيهم ومن ذلك قول هند : وهل تزني الحرة؟ وموقف أبي سفيان حين سأل عن النبي فلم يكذب وغيرها من المواقف.

2. وماذا تقول في شريف من أشرافهم، وسيد من ساداتهم، يشتري بضاعة ويجحد ثمنها؟ إنه ( أبو جهل ) الذي أكل حق الإراشي حتى جاءه به محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك تكررت هذه الحادثة وقام من أجلها حلف الفضول.

3. ثم إن القوم كانوا يأكلون الأموال بينهم بالباطل، و يأكلون أموال اليتامى ظلمًا ومن ثم كان من أوائل ما نزل من الآيات ” فأما اليتيم فلا تقهر” وكان التحذير الشديد بعد في قوله عزه شانه : ” إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا “.

4. إن العرب لم يكونوا شيئًا مذكورًا قبل الإسلام، فلما أسلموا صار لهم شأن ” لقد أنزلنا إليكم كتابًا فيه ذكركم”.

5. ويقول عمر الفاروق ” إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به، أذلنا الله… “

وأما الاحتجاج بقوله صلى الله عليه وسلم : ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” فقد يكون المعنى ما جاء به في الحديث الآخر ” مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارًا فأحسنها وأكملها، وترك فيها موضع لبنة لم يضعها، فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه، و يقولون : لو تم موضع هذه اللبنة؟ فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة” ، فالإتمام لبناء الأنبياء من قبل.

ويقول جعفر رضي الله عنه :

” كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده، لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، فصدقناه وآمنَّا به، واتبعناه على ما جاء به من الله”[1]

فهذا هو كان حال العرب في الجاهلية وقبل الإسلام، وليس كما يتغنى البعض بالكثير من الفضائل! و صدقًا الحديث طويل جدا ولن ينتهي، لكني ذكرت أبرز النقاط، وهذا كان حصيلة ما درسته في الأدب العربي بشكل عام والجاهلي والإسلامي بشكل خاص.

Related posts

Leave a Comment