د. وسيم السيسي متابعة عادل شلبى
أنا إغريقية الدم ولكنى مصرية الهوى، كنت أُجيد تسع لغات، أولاها اللغة المصرية القديمة، كنت أسمى نفسى: إيزيس الجديدة، وكنت عاشقة للحضارة المصرية القديمة لأنها ساوت بين الرجل والمرأة فى أحقية الحكم، فمن قبلى كانت ميريت نت فى الأسرة الأولى، حتشبسوت فى الأسرة الثامنة عشرة.
وُلدت سنة ٦٩ قبل الميلاد، ورحلت عن هذا العالم فى سنة ٣٠ قبل الميلاد، وأنا فى عنفوان شبابى عن ٣٩ عامًا، حكمت مصر ١٨ سنة من ٤٨ ق. م حتى ٣٠ ق. م. كان والدى بطليموس الثانى عشر، وأعطانى اسم كليوباترا، ومعناه: مجد أبيها. كان أخى الأصغر بطليموس الثالث عشر أصغر منى بثمانى سنوات، حرّضه الأوصياء على التخلص منى، فهربت إلى سوريا، كونت جيشًا من المرتزقة، عدت إلى الإسكندرية، ومنها إلى بورسعيد، حيث كانت معركة البلوزيوم. دخلت مصر.
كان أخى يتقرب إلى يوليوس قيصر، المقيم فى الإسكندرية، ولكنى بجمالى الصاروخى وحنكتى السياسية وذكائى المفرط جعلت أتباعى يلفوننى فى سجادة ثمينة جدًا، ودخلوا بها كهدية ليوليوس قيصر، وبعد أن دخلوا بى ملفوفة فى السجادة، فردوها أمام القيصر، فانتصبت كأجمل جنية من العالم الآخر. شهق القيصر، وكانت توابع الزلزال ليلة من أجمل ليالى العمر، كنت فى الواحدة والعشرين من العمر، وقيصر فى الثانية والخمسين، وكانت ثمرة هذا اللقاء قيصرون أو القيصر الصغير، وكان ذلك ٤٨ ق. م. شاهد بطليموس الثالث عشر كليوباترا خارجة من قصر يوليوس قيصر، أثار الشعب المصرى ضدهما، فحاصروا القصر أربعة أشهر حتى جاءت التعزيزات من روما، هرب بطليموس الثالث عشر وغرق فى النيل.
غادر يوليوس قيصر مصر إلى روما، وفى ٤٦ ق. م. دعا كليوباترا وابنهما، الذى لم يعترف به لأنه كان متزوجًا من أميرة رومانية، كما دعا أخاها وزوجها فى نفس الوقت بطليموس الرابع عشر، والذى كان صغيرًا جدًا بالنسبة لها، أقاموا سنتين فى روما حتى مصرع يوليوس قيصر فى مارس ٤٤ ق. م، عادت كليوباترا إلى مصر، مات زوجها ولا نعرف سبب وفاته، أصبحت هى الملكة الحاكمة مع طفلها الصغير قيصرون، وأصبح اسمه بطليموس الخامس عشر!.
حدث انقسام فى روما ما بين أنصار يوليوس قيصر، وعلى رأسهم مارك أنتونى، أوكتافيوس، وأعداء يوليوس وعلى رأسهم كاسيوس وبروتس «حتى أنت يا بروتس؟!».
انتصر أنصار يوليوس قيصر بدعم كليوباترا بأربعة فيالق رومانية كانت فى مصر، دعاها مارك أنتونى، رآها، فوقع فى هواها، ترك أسرته، وعاد معها إلى مصر، أقام سنة معها، ثم عاد إلى روما، هُزم فى معركة بارثيان، عاد إلى مصر، أعلن أن قيصرون الصغير هو الوريث الشرعى وليس أوكتافيوس ابن يوليوس قيصر بالتبنى، تحول الصديقان إلى عدوين، أعلن أوكتافيوس الحرب على مارك أنتونى، وكانت المعركة الفاصلة فى غرب اليونان المعروفة بموقعة أكتيوم ٣١ ق. م، وهو بدء الاحتلال الرومانى لمصر، والذى دام ٦٧٠ سنة. سمعت أن مارك أنتونى انتحر بعد هزيمته، فطلبت من أنوبيس الكاهن أن يأتينى بأفعى «الكوبرا»، وضعتها على صدرى، وفارقت الحياة، وضاع حلمى فى الاستقلال بمصر عن روما واليونان.
ظلمنى أمير الشعراء فى قصيدته: كبار الحوادث فى وادى النيل حين قال:
ضيعت قيصر البرية أنثى/ يا لربى بما تجر النساء
فأتاها مَن ليس تملكه/ أنثى ولا تَسْتَرِقّه هيفاء
أخذ الملك وهى فى قبضة الأفعى/ عن الملك والهوى عمياء
سلبتها الحياة فأَعجب لرقطاء/ أراحت منها الورى رقطاء!.