متابعة/ أيمن بحر
في التفاصيل كشفت عنها الجهات الصحية في المدينة توفيت الأم البالغة من العمر 50 عاما وولدها البالغ 12 عاما وابنتها البالغة من العمر 10 أعوام جراء استنشاق الغازات المنبعثة من المدفأة وهم نيام حسب ما رجحت الجهات الأمنية.
وقد أثارت هذه الواقعة المؤلمة النقاش الحاد مجددا حول السبب في تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية في العراق كل شتاء، حيث يرى الكثيرون أن شح الطاقة الكهربائية وتراجع ساعات امدادها للمواطنين بشكل كبير خاصة خلال فصلي الصيف والشتاء يدفع الناس للجوء لوسائل تدفئة تقليدية بالية وغير آمنة نتيجة انبعاثات الغاز والدخان منها.
وقد أعادت هذه الفاجعة للواجهة ظاهرة استخدام طرق وأجهزة تدفئة خطرة ومضرة بالصحة في العراق وخاصة في إقليم كردستان العراق الذي يمتاز بطقسه شديد البرودة خلال فصل الشتاء حيث تتكرر عادة هكذا حوادث اختناق بانبعاثات غازية وسط أماكن مغلقة وبلا تهوية.
المواطن العراقي رشيد يقول في حديث: الفقراء دوما يدفعون الضريبة حيث لا يمكنهم استخدام المكيفات والدفايات الكهربائية كونها تحتاج لأمبيرات عالية من الكهرباء كي تعمل وهذا مكلف جدا حيث بالكاد يتمكن غالبية الناس من خلال اشتراكهم في المولدات من توفير إنارة خافتة لبيوتهم وتشغيل أجهزة كهربائية ضرورية كالبرادات لحفظ طعامهم وشرابهم.ويتابع: الأغنياء ومسؤولو الحكومة يعيشون في قصور وشقق فارهة ولا يشعرون بمعاناة الفقراء ومحدودي الدخل ولهذا تبقى مشكلة الكهرباء معلقة هكذا بلا حلول ويدفع البسطاء حياتهم في هكذا حوادث كان يمكن تجنبها لو أن الخدمات الأساسية كانت متوفرة لهم.
وحول تكرار حوادث الموت اختناقا في فصل الشتاء بفعل انبعاث غازات الدفايات في العراق، قال الطبيب العراقي زامو بختيار في حديث : تقف عدة عوامل وراء حصول هكذا حوادث مأساوية ففضلا عن ضيق حال ذوي الدخل المحدود والفقراء وارتفاع أسعار المحروقات التي تستخدم لأجهزة التدفئة الشتوية وتدني ساعات إمداد الكهرباء بشكل كبير فإن ضعف الوعي الصحي يلعب أيضا دورا رئيسيا في تكرار حوادث الموت هذه اختناقا بفعل الغازات والأبخرة التي تنفثها أجهزة التدفئة التي من الخطر جدا ابقائها مشتغلة أثناء النوم .ويتابع بختيار قائلا: في وسط مغلق تماما بفعل الهواء البالغ البرودة في الخارج تزداد مخاطر أن تتسبب انبعاثات التدفئة المتواصلة على مدى ساعات طويلة ولا سيما في الليل أثناء النوم في حالات اختناق وفقدان الوعي وفي حين أن الدفايات الكهربائية أو مكيفات الهواء الحار تبدو الأكثر أمانا نسبيا، لكن بسبب شح الكهرباء واستهلاكها الكبير للطاقة الكهربائية فإن الخيار الأول لدى الناس عامة في بلادنا يكون الدفايات التي تعمل على الغاز أو المازوت.
هذا ويعاني العراق طيلة العقود المنصرمة من عجز بالغ في توفير الطاقة الكهربائية خاصة خلال فصلي الصيف والشتاء حيث يزداد الاستهلاك والطلب عليها لدرجة أن أوقات تزويد المواطنين بها تتقلص لساعات قليلة جدا خلال اليوم.
وبحسب المختصين في قطاعات الطاقة فإن العراق يحتاج على الأقل إلى ضعف إنتاجه الحالي البالغ أقل من 20 ألف ميغاواط من الكهرباء، لحل مشكلة نقص الطاقة الكهربائية المزمن.