فلسفة العلاقة الجنسية بين الزوجين وانعكاسها على مشاكل المجتمع

بقلم عبير مدين
مع ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع وتبادل الاتهامات بين الرجل و المرأة من المسؤول عن هذه الكارثة التي تهدد كيان المجتمع المصري وخلفت جرحا عميقا فيه.
المرأة.. المفتاح السحري لحل معظم مشكلات المجتمع هذا اللغز الذي حير الرجل فتارة معها سعادته وتارة هي سر عذابه، إنها المخلوق الذي تحمل كثيرا وعندما صرخت من الإحساس بالضغوط وبعد أن تجاهل الرجل انينها لجأت للقوانين لتعيد إليها حقوقها التي ضاعت مع الزمن، حقوقها التي منحتها لها الشريعة الإسلامية والتي نص عليها القانون، ظنت أن قوانين المرأة سوف تنصفها بعد أن غفل معظم الرجال عن تلك الحقوق الشرعية.
في اعتقادي ان المشكلة قديمة وتفاقمت لأننا غالبا لا نتنبه لمشكلة في بدايتها ولا ندرك الخطر إلا بعد فوات الأوان الجهل الثقافي و الديني سبب ما وصلنا إليه
الضغوط على كثير من الأزواج لاستكمال حياتهم الأسرية دون علاج حقيقي، العنف الذي سيطر على سلوك كثير من السيدات ودعوات بعض الرجال لتعدد الزوجات كلها سلوكيات تستحق الدراسة
هناك عدد من الأسباب يجب أن نفطن إليها يأتي على رأسها العلاقة الجنسية بين الزوجين
فالعلاقة الجنسية بين الزوجين ليست روتين ولا مجرد متعة وقتية.
قال الله تعالى في سورة الرّوم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون}.[٧]
وبحسب وصيته تعالى القائلة: عندما يتزوج رجل بإمرأة فانهما “ليسا في ما بعد اثنين بل جسد واحد” (متى 6:19)
اذا العلاقة بين الرجل والمرأة بعد الزواج لها ابعاد اخرى ليست مجرد علاقة لإشباع رغبه جنسية او للحصول على لقب متزوج و متزوجة ثم اب او ام.
إن العلاقة الجنسية من وجهة نظري لها مدلول لكلا الطرفين فالرجل من خلال العلاقة اي علاقة يبحث في المقام الأول عن الاحتواء .
عن من تحتوي طموحه و جنونه و أنانيته و تتحمله بكل احواله، اما المرأة والتي خلقها الله لتتحمل الآلام بصبر و حب فإنها تتطلع من خلال علاقة الزواج الي هذا النافذ الي اعماقها أن يفهمها بدون حديث يحتضن آلامها ويشعرها أنها أقرب إليه من اي انسان اخر
ومع اعتلال اي طرف ينشأ الخلاف خاصة إذا أعرض احد منهما او كلاهما عن فهم الرغبات الخفية للطرف الآخر فالظاهر كلاهما غير مقصر في حقوق الطرف الآخر لكن الخفي اننا عجزنا عن فهم بعضنا و تملكنا الكبر ان نعترف بالتقصير
فالرجل الذي كان ينتظر من العلاقة الزوجية السعادة وان تعفه زوجته عن العلاقات المشروعة و الغير مشروعة أصيب بخيبة أمل من فتور زوجته و الفتاة التي كانت تحلم بحياة وردية أصيبت هي الأخرى بصدمة فالمتعة التي حلمت بها يوما اتضح إنها سراب وأصبحت العلاقة الحميمة بالنسبة لعدد كبير منهن هم ثقيل تهرب منه
اليوم نتناول المشكلة من خلال عدة نقاط
النقطة الأولى غشاء البكارة والذي يرمز للشرف و العفة عند غالبية المجتمع والذي سبب تعاسة عدد ليس بقليل من البنات و السيدات دفع ثمنه أجيال متعاقبة
في الريف والصعيد و بعض المناطق في المدن والعشوائيات يعطى أهمية كبيرة لهذا الغشاء وأهمية فضه ليلة الدخلة ونتيجة الجهل وعدم إلمام الرجل أن هذا الغشاء أنواع عديدة اتهمت فتيات في شرفهن رغم أنهن لم تكن لهن أي تجارب فقط حظها العسر أن الغشاء احد الأنواع الغير الطبيعية وهنا تجد الفتاة نفسها أمام ثلاث خيارات
1يطلقها الزوج و تجلب عارا لها ولأهلها لا ذنب لها فيه بل ان الأمر قد يصل لدرجة أن تدفع حياتها ثمن هذا العار المزعوم
2 تعيش مع رجل يعاملها معاملة سيئة من واقع انه صاحب فضل إنقاذها من فضيحة وسترها
3 يرضى هذا الرجل بنصيبه بدافع ان من ستر مؤمن ستره الله!
تنشأ فتاة في جو مشحون والدها يعامل والدتها معاملة سيئة لا تعلم ما سببها ولا تعطي الأم تبرير لهذه المعاملة ولا الأب، لتشب عندها كراهية للجنس الأخر فتلجأ للعنف كوسيلة وتعيش بمبدأ خير وسيلة للدفاع الهجوم
النقطة الثانية هي ختان البنات
في اعتقادي أن ختان البنات هو سبب جوهري لعدد من مشاكل المجتمع فهذا الجزء المقطوع من البنت هو محور الإحساس عندها مستقبلا عندما تصبح زوجة هذا الجزء الذي قطع في الماضي رغما عنها بدون تخدير وبأدوات بدائية أو باستخدام الطب الحديث فيما بعد، و طبقا للدراسة العلمية أنَّ النساء المختونات تزدادُ احتماليَّة قلَّة رغبتهنَّ الجنسيَّة – أو تنعدم تمامًا في بعض الأحيان – مُقارنةً بِالنساء غير المختونات، وأنَّ احتماليَّة عسر الجماع لديهنَّ تزداد بِحوالي 52 بالمائة. كذلك، فقد أشار ثُلُثهُنَّ إلى بُرودة مشاعرهُنَّ الجنسيَّة وأحاسيسهُن. تدفع المرأة ثمن جريمة وقعت عليها فعندما تسمع من زوجها أو من امرأة أخرى أن العملية الجنسية ممتعة يكون الأمر أشبه بمن يصف لكفيف جمال الألوان أو بمن فقد حاسة الشم و التذوق ويطلب منه الآخرون تمييز الأشياء ويعاني الرجل من عدم التجاوب، يلجأ عدد كبير من الرجال للعنف ضد المرأة تنفيسا عن غضبهم من عدم إشباع رغباتهم الجنسية لتولد ابنه تنشأ في كنف أب يعامل أمها معاملة سيئة. فتلجأ للتمرد و العنف حتى لا تصبح نسخة مكررة من خنوع أمها. وعلى مدار أجيال وصلنا إلى ما وصلنا إليه .
السبب الثالث اعتبار الكلمة الحلوة للزوجة أو للزوج طريقة مراهقين وأن التعبير العملي عن الحب يغني أو أن العلاقة الجنسية دليل الحب وهذا خطأ فالكلمة الحلوة والنظرة الحنونه خلال النهار والتجاوز عن أخطاء و تقصير الطرف الآخر حق شرعي لا يقل عن الحق الشرعي في العلاقة الجنسية تدليل الزوجين بعضهما البعض واجب مقدس والسؤال لماذا لا يستحي الزوجين من الشجار أمام الأبناء و يصيبهم الخجل و الحياء من إظهار حبهما لبعض أمام الأبناء؟ رغم أن إظهار الحب له تأثير إيجابي على تنشئة طفل سوي في جو يسوده الحب و الاحترام .
السبب الرابع الصمت واعتبار كل لبيب بالإشارة يفهم وهذا خطأ فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين العتاب الرقيق مفتاح التصافي فالصمت قد يفتح باب الخيانة الزوجة تريد من يتحدث معها و يؤنس مشاعرها كما يحتاج الرجل هذا بالضبط الاحتياج العاطفي حق يتساوى فيه الرجل و المرأة علينا أن نكون حذرين لأننا سنكون شركاء في الإثم إن وقع نتيجة التقصير و إهمال الطرف الآخر.
أما السبب الخامس فهو تسلط الرجل على المرأة
إن شخصية سي السيد التي رسمها أديبنا العالمي نجيب محفوظ كانت ترسم واقع عدد من الأسر المصرية لحد كبير
تحضرني قصة زيارتي لإحدى قرى مصر وأنا في مقتبل الشباب و مع أمسية تضم عدد من القرية كبار السن قالت لي إحداهن أن المرأة كان تعاني حتى وقت قريب، كنا نستيقظ مع آذان الفجر لإطعام الطيور و مباشرة أعمال المنزل وتخبز خبزا عجنته قبل أن تنام إلي أن تشرق الشمس فتذهب مع زوجها للحقل تعاونه في زراعة الأرض وتعود معه بعد غروب الشمس تعد العشاء للعائلة بأكملها وتغسل الملابس يدويا فلم تكن الغسالة الكهربائية شقت طريقها لهن بعد. وفي الأيام السعيدة التي نذبح فيها بطة أو دجاجة توضع بالكامل أمام رب الأسرة يتناول ما يطيب له ويعطي الذكور ومن يكرم زوجته منهم يعطيها قطعة صغيرة ! أما البنات فتأكل ما تبقى من طعام ! تشب الفتاة على تمرد يظهر متى حانت الفرصة وتتوارثه أجيال حتى لو كانت معاملة رب الأسرة أفضل من سابقيه
ماذا ينتظر الرجل من امرأة شبت في هذا الجو من التمييز؟
إذا كنت على وشك إقامة مشروع وتريد له النجاح فعليك التخطيط الجيد له ووضع خطط مستقبلية لتلافي حدوث أي مشكلة محتملة، والزواج هو مشروع العمر علينا أن نفكر في التخطيط الجيد لعلاقة زوجية ناجحة ومحاربة أي مشكلة تهدد إفشال هذا المشروع لأن الفشل لن تدفع ثمنها وحدك سوف يدفع الثمن معك الأبناء ثمرة هذا المشروع.

Related posts

Leave a Comment