د. وسيم السيسي
متابعة عادل شلبى
أنا صانعة النساء والرجال، أنا الأقوى بيولوجيًا، فكل مائة حالة إجهاض محتم (دون تدخل طبى) سبعون من الذكور، وثلاثون من الإناث، نحن الأطول عمرًا بست سنوات فى متوسط الأعمار، نحن الأقل عددًا فى التخلف العقلى عن الذكور، نحن واحدة كل أربعة آلاف، بينما الذكور اثنيان كل أربعة آلاف!. نحن الهورمون الذى يبنى، وهورمون الذكور هو الذى يهدم ويعلن الحروب، ولن يهدأ العالم إلا إذا أمسكنا نحن بناصية الأمور.
أيها الرجل أنا الذى أرضعك قبل أن تولد!، فأنا خلية ممتلئة بالحليب الأنثوى اسمها: Sertoli Cell، وأنت كحيوان منوى لا يكتمل نموك إلا إذا وضعت رأسك على جدارى، وبعد ميلادك، أرضعك، وأكبرك، وأسعدك، وأقوم بتمريضك وقت مرضك، وأبكى عليك عند فراقك، وبعد كده تقول: أنا أحسن منك، وأعقل منك، فأقول لنفسى: أنا لم أر ظلمًا يشبه هذا الظلم، كما لم أر نكرانًا للجميل يشبه هذا النكران.
أوجه أنظاركم إلى كتاب جميل صدر أخيرًا أنصفنى تمامًا لكاتب موهوب اسمه فايز فرح، والكتاب اسمه: «المرأة أيقونة الإنسانية».
يحدثنا الكاتب عن أزهى عصورى، وهو فى مصر القديمة، كيف كنت ملكة منذ الأسرة الأولى «ميريت نت»، وكيف كنت وزيرة للصحة (مديرة الأطباء) وكان اسمى بيشيشت، وكان لى تمثال تخليدًا لذكراى، كيف كنت قاضية، وموسيقية، ومعلمة، وقائدة فرق عسكرية، بل كاهنة، لم يعتبرنى المصريون نجسة كما ينظر اليهود إلى نسائهم، فهى نجسة أربعون يومًا إذا ولدت ذكرًا، وثمانين يومًا إذا ولدت أنثى!، كانوا يشكرون الله فى صلواتهم أنه خلقهم يهودًا وليسوا من الأمم (عنصرية)، رجالًا وليسوا نساء (استعلاء)، أناسىّ (جمع إنسان) وليسوا حيوانات.
كنت أتألق زهوًا بين الأمم، الرومانى يقتل زوجته ولا يحاسَب إذا فتحت مخزن الخمر دون إذنه، بل تُحسب فى الميراث: خمس بقرات، وثلاث نساء بإجمالى ثمانٍ!، واليونانى يمنع زوجته من مغادرة بيتها، وحين جاء هيرودوت إلى مصر، كان يعجب من قيود النظافة، وأنى أستحم مرتين فى اليوم، وأنى أذهب للأسواق والحقول!، حتى الهندى كان يترك بقايا طعامه لزوجته!، بينما فى مصر تجدون بردية فى قبر زوجة من زوجها تقول: لقد فارقنى الحظ السعيد منذ أن رحلت عنى، ربما أخطأت فى حقك دون أن أدرى، أذكرك أنى طالما قدمت لك الطعام والشراب والزهور والعطور، سامحينى حتى يعود إلىّ الحظ السعيد.
يحدثنا أ. فايز فرح عن أفلاطون كيف كان يأسف أنه وُلد من امرأة!، كما حدثنا عن أرسطو، نيتشه وقوله: أذاهب أنت للمرأة؟ لا تنس السوط!، كما حدثنا عن المدافعين عنى مثل جون ستيوارت ميل، هنريك أبسن، قاسم أمين وقوله: لماذا تُحجَّب المرأة دون الرجل وفى بعض الرجال وسامة وفتنة؟، هل لأن المرأة أقوى من الرجل فى مقاومة الفتنة؟، إذًا لماذا توضع تحت رقه (عبوديته) وهى أقوى منه؟!. من الذين أنصفونى الشيخ محمد عبده، سلامة موسى وكتابه «المرأة ليست لعبة الرجل».
لولا انشغالى بإعداد طعامكم، وحياكة ملابسكم، وتنظيف أماكنكم كنت تفرغت للبحث العلمى بأعداد أكبر مما تعرفون، مثل مارى كورى، سميرة موسى، هيلين كيلر، وغيرهن كثيرات.
يذكر مؤلف الكتاب واحدة من بنى جنسى الدكتورة مايا مرسى صاحبة حملة «لأنى رجل»!، لأنى رجل سأحميها من الختان، لأنى رجل سأحميها من التحرش، لأنى رجل سوف أساعدها فى البيت وخارجه، لأنى رجل سوف أحميها من كل أشكال العنف.
يأسف الكاتب لأن فى سنة ١٩٩٣ لم توافق إيران ومصر والسودان على الإعلان العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة، وأخيرًا يذكر مؤلف الكتاب الرئيس السيسى بكل حب وإعزاز، ويصف هذا العصر بالعصر الذهبى للمرأة المصرية، وكيف أن الرئيس يساعد زوجته، وكانت الطلقة الحضارية: لن أوقع أى قرار أو قانون لا يتفق مع مصلحة المرأة.
أنا المرأة أفكر وأريد أن تفكروا معى: لماذا الحظ السيئ دكر؟ واللبان المر دكر؟، ولماذا تذبح الديوك ويترك الدجاج؟، وتذبح العجول وتترك الإناث؟، ولماذا تحرق ذكور النخيل إلا واحدة، وتترك الإناث؟، ولماذا بويضة واحدة كل شهر، وملايين الحيوانات المنوية تذهب للعدم إلا واحدًا وكأنه العدد فى الليمون؟.
صاحب هذه المقالة هنأ زميلته البريطانية حين تخرجت ابنتها فى الجامعة، قالت له: سعادتى لا توصف اليوم، أكثر من سعادتى بتخرج ابنى السنة الماضية، سألها لماذا؟، قالت: السنة الماضية علمت فردًا، أما هذا العام فقد علمت أسرة!، تذكر كلمات أحمد شوقى: الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعبًا طيب الأعراق!.