بقلم الكاتبه /أماني حسن
استيقظ المصريون فجر يوم 23 يوليو عام 1952، منذ 69 عاماً، على قَسَم الضباط الأحرار بأن يحرروا بلادهم من الظلم والاستبداد، لتشق الثورة طريقها لتحقيق تحول اجتماعى جذرى وبناء اقتصاد اشتراكى قوى يحقق للمصريين أهداف الثورة فى الاستقلال الوطنى والعدالة الاجتماعية. ولم تكن مصر قبل 23 يوليو 1952 تعرف نظام التأمينات الاجتماعية لكل فئات المجتمع، وكان الفلاحون يعيشون كالعبيد قبل أن يأتى شعاع النور الذى أطلق سراحهم وأعطاهم حق تملك الأراضى الزراعية، وكذلك أصبحت مصر دولة صناعة من الدرجة الأولى، لدرجة أن المحلة كانت تضاهى قوة مدينة مانشيستر الصناعية آنذاك. فى السطور التالية تفتح «الوطن» ملف ثورة 23 يوليو، والمكاسب التى تحققت فى مصر بعدها بداية من المكاسب الاقتصادية والتعليمية والزراعية إلى العدالة الاجتماعية، كما ترصد كيف تحولت مصر إلى دولة صناعية وكذلك رحلة تحرر الفلاح من العبودية إلى الملكية والقضاء على الإقطاع، ونتناول أوجه الشبه بين تعامل جماعة الإخوان الإرهابية مع ثورة 23 يوليو وثورة 30 يونيو التى كانت تحتفل مصر بذكراها الثامنة منذ أيام، حيث كانت الجماعة الإرهابية ولا تزال عدواً لهذا الوطن، ففى الثورة الأولى سعت بكل قوتها لبقاء الإنجليز فى مصر وفى الثورة الثانية شنت العمليات الإرهابية لعودتها للحكم، والعامل المشترك بين الأولى والثانية هو مصلحة الجماعة فوق الوطن.
قضت على الفساد وحققت الاستقلال وأطلقت شرارة الثورة الصناعية
حققت ثورة 23 يوليو مكاسب بالجملة للشعب المصرى الذى كان يعانى الأمرَّين قبل اندلاعها، فقد حوَّلت الثورة نظام الحكم من الملكية إلى النظام الجمهورى، وتبع ذلك تطورات اجتماعية واقتصادية مهمة، أبرزها أن المصريين استردوا كرامتهم واستعادوا وطنهم المسلوب على مدى عقود طويلة، وكان اللواء محمد نجيب هو أيقونة ثورة يوليو التى قادها الضباط الأحرار.
ثورة 23 يوليو أجبرت الملك على التنازل عن العرش والرحيل عن مصر إلى إيطاليا، وأظهر الشعب تأييده للجيش، وخرج بجميع فئاته وطوائفه لمساندة أهداف الثورة وبذلك استمدت شرعيتها من الشعب بعد تأييده لها، لأنها تعبر عن واقعه وآماله فى تحقيق الاستقلال والكرامة.
وكان من أبرز مكاسب ثورة 23 يوليو، إصدار قانون الملكية يوم 9 سبتمبر 1952، بعد أن وضعت الثورة ضمن مبادئها إقامة حياة ديمقراطية سليمة وعدالة اجتماعية، ونص القانون على تحديد الملكية الزراعية للأفراد، وأخذ الأرض من كبار الملاك وتوزيعها على صغار الفلاحين المعدمين، وصدرت تعديلات متتالية حددت ملكية الفرد والأسرة متدرجة من 200 فدان إلى خمسين فداناً للملاك القدامى، وتم إنشاء جمعيات الإصلاح الزراعى التى تولت عملية تسلّم الأرض من الملاك بعد ترك النسبة التى حددها القانون لهم وتوزيع باقى المساحة على الفلاحين الأجراء المعدمين العاملين بنفس الأرض، ليتحولوا من أجراء إلى ملاك.
ويعتبر إنشاء السد العالى من أهم مكاسب ثورة 23 يوليو، لأنه ساهم فى التحكم فى تدفق المياه والتخفيف من آثار فيضان النيل، وتوليد الكهرباء، وحدثت ثورة صناعية فى مصر، من خلال تشييد العديد من المصانع، بجانب مكاسب عدة حققتها المرأة فى شتى المجالات بعد ثورة 23 يوليو 1952، وشهدت كل امرأة عاشت عصر ثورة 23 يوليو تغيراً كبيراً فى حياتها، بعد أن أولى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر المرأة المصرية بالاهتمام، وعمل على تحسين الحياة الاجتماعية لها، من خلال مشروع الأسر المنتجة، ومشروع الرائدات الريفيات، ومشروع النهوض بالمرأة الريفية، بالإضافة إلى الجمعيات الأهلية التى تقدم المزيد من الخدمات التنموية، وتعليم وتدريب السيدات، بجانب مشاركتها السياسية والنهوض بأحوالها الاقتصادية.
«موسى»: ضربت أروع الأمثلة لانحياز الجيش لتطلعات المصريين
وأكد موسى مصطفى موسى، رئيس حزب الغد، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، أنّ ثورة 23 يوليو ضربت أعظم أنواع التلاحم والبطولة بين الشعب والجيش فى القضاء على الظلم وفتح الطريق أمام مصر نحو التقدم، مضيفاً: «جيش مصر العظيم يقوم بالعديد من التضحيات من أجل الدفاع عن الوطن وحماية مقدرات الدولة، فهو درع الوطن وحصنه الذى قدم ولا يزال يقدم من أجل هذا الوطن».
وقال «موسى» إنّ ثورة يوليو ضربت أروع الأمثلة لانحياز الجيش المصرى العظيم لتطلعات وآمال الشعب فى الحياة، التى تقوم على العدالة الاجتماعية، مشيراً إلى أن القوات المسلحة تسطر يوماً بعد يوم بطولات خالدة على مر التاريخ، فى استئصال جذور جماعات العنف والإرهاب التى تحاول العبث بأمن واستقرار مصر.
وأضافت هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع، أنّ جمال عبدالناصر كان نسخة من الضمير الجمعى للشعب المصرى بعد ثورة 23 يوليو، فالشعب وقف وراء الجيش أثناء ثورة يوليو لأنها خلقت حالة من الأمل ليس فى مصر فقط بل فى القارة السمراء بشكل كامل، مستشهدة بوجود 1250 أغنية وطنية رصدت إنجازات ثورة يوليو.
«كمال»: كانت ملهمة للطبقات الفقيرة
وقال البرلمانى السابق، كمال أحمد، إنّ المصريين لم يذوقوا طعم الحياة الحقيقية إلا بقيام الثورة، بعد أن قاد الضباط الأحرار حركة التحرر لشعب ذاق كل أنواع الذل على يد إقطاعيين استحلوا مقدرات الوطن، فكان الفلاح يعيش داخل الزريبة مع الماشية، وانتشرت الأمراض ومن بينها السل، بسبب نقص الرعاية الصحية وعدم وجود مستشفيات لخدمة الفقراء، وكانت المستشفيات لا يدخلها إلا علية القوم.
وأضاف «أحمد» لـ«الوطن»، أنّ ثورة 23 يوليو كانت ملهمة للطبقات الفقيرة، التى بحث أبناؤها عن العلم، فقد نجحت الثورة فى خفض نسبة الأمية بين المصريين، وأعادت حقوق العمال والفلاحين، موضحاً أنه لأول مرة يكون هناك ما يسمى بالتأمين الصحى للمصريين، وأصبح هناك مستشفيات للعلاج المجانى، مشيراً إلى أنّ المرأة حظيت باهتمام بالغ، ولم يكتفِ دستور 1956 بمساواة الرجل والمرأة فى الانتخابات، والتصويت، بل وضع قوانين العمل والإجازات التى تكون فى صالح المرأة، ونص على أن الدولة تساعد المرأة على الجمع بين مسئوليتها وواجباتها الأسرية والعمل، وتم تعيين أول وزيرة مصرية للشئون الاجتماعية، وهى حكمت أبوزيد.
«عازر»: غيرت مجرى التاريخ
وقالت النائبة مارجريت عازر، البرلمانية السابقة، إن التاريخ سجَّل ذكرى ثورة 23 يوليو بأحرف من ذهب وستظل خالدة، مضيفة أن الثورة إنجاز وطنى حمل لواءه أبطال القوات المسلحة.
وتابعت «عازر» أن الجيش المصرى أنهى الاستعمار والتبعية وأعادوا لمصر عزتها وسيادتها على أراضيها، وأحدثت ثورة 23 يوليو نقلة قفزت بالشعب المصرى إلى عصر جديد من الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وسيادة القرار الوطنى، مشيرة إلى أن ثورة 23 يوليو غيرت مجرى التاريخ وأرست قواعد العدالة الاجتماعية والحياة الديمقراطية السليمة، وحققت إنجازاً للسيدات بالسماح لهن بالتصويت والمشاركة فى الانتخابات لأول مرة فى التاريخ، معتبرة ذلك أقوى تأثير للثورة على الحياة النيابية فى مصر إلى جانب أن الثورة أنجزت العديد من المشروعات القومية على رأسها السد العالى، وتأميم قناة السويس، وتعميم مجانية التعليم، وجعلت لمصر دوراً مهماً فى مؤتمرات القمة العربية.
أهم إنجازات ثورة 23 يوليو
– إلغاء النظام الملكي
– توقيع اتفاقية الجلاء
– إلغاء التمييز بين الطبقات
– إقرار مجانية التعليم و تأميم قناة السويس
– إنشاء السد العالي 1960
– إصدار قوانين للتأمينات والمعاشات
– إنشاء 1200 مصنع في عهد الثورة