قلم د. أماني فؤاد
متابعة عادل شلبي
مجموعة من الملفات تفرض وجودها على كل وزير أو وزيرة ثقافة مصرية وأحسب أن أهمها: ملف انتشار تجليات الثقافة والوعي والتنوير في كل شِبْر من الأرض المصرية، أي في كل المحافظات والمدن والقرى والنجوع، بحيث تصل المادة والمنتَج الثقافي والمعرفي الذي ينتجه الأفراد أو المجموعات إلى كل القُطر المصري، وتتحول جميع هذه القصور في كل ربوع مصر إلى خلايا نحْلٍ مفيدة، بداية من تنقية هذه القصور من موظفيها غير الفاعلين في تنشيط حركة ثقافية جادة، والتخلص من العناصر الرجعية التي لا تقبْل بالتعدد، والحرية وتنوير العقول، الأفراد الذين كانوا ينتمون لتيارات متشددة، ويعملون على شَدِّ الثقافة المصرية في اتجاه لا يتناسب وهُوَيتنا المنفتِحة على كل الأفكار. وأن تقدَّم في مكتبات هذه القصور الندوات النقاشية، التي تنفتح على قضايا الإنسان، التي تشتبك بواقعه وتشغله، وترتقي بوعيه، وألا تنطفئ شاشة سينما أو خشبة مسرح في كل قصر من هذه القصور الثقافية، معظم أيام السنة، فتقدَّم الأفلام والمسرحيات والأغاني والعروض الراقصة ومعارض للفن التشكيلي والأنشطة الإبداعية كافة. الثقافة والمعرفة والذائقة التي تحارب التخلف وتواجهه بالفكر والفنون، الثقافة التي تقدِّم خطابًا جادًا يرتقي بوعي المصريين، تقدِّم خطابًا يجادِل حالة الرجعية والثبات والتكلُّس، التي تسببت فيها خطاباتٌ دينية متشددة، تكررت على الأسماع والآذان طويلًا حتى جعلت العقول تميل للنقل والتعصب والرأي الواحد، وليس للتعقل والنقاش، الذائقة التي تعرف الرقيَّ وتأنف من الابتذال والقُبح والتردي. ملف اشتراك وزارة الثقافة في إنتاج بعض الأفلام والعروض المسرحية الكبيرة الجادة، التي من شأنها تقديم محتوى قيِّم، متحرر، غير موجَّه، أن تشارك بمهرجان كبير للأغنية المصرية وتحيي تراثنا الغنائي الراقي، حيث القَيِّم والجميل يطرح الغث والقبيح، فتعتاد الأذن الجميل الراقي في الكلمة واللحن والأداء، فيخرج العشرات من عبد الحليم وأم كلثوم وعبد الوهاب في صورتهم المعاصرة. ــ ملف إعداد بروتكولات تعاون بين وزارة الثقافة مع وزارة التعليم والتعليم العالي؛ لتزخر المناهج الدراسية في الوزارتين بمواد أدبية، وأنشطة ثقافية تعيد وجه مصر المشرق والريادي في كل المنطقة العربية والعالَم. ــ ملف تحول جُلُّ ميزانية وزارة الثقافة للمادة الثقافية التي تقدَّم لكل مواطن في مصر، وليس لجيش من الموظفين الذين تعج بهم المؤسسات التي تشكِّل الوزارة، ويلتهمون ميزانيتها المحدودة، كما أحلم بأن تتضاعف ميزانية هذه الوزارة، التي أحسبها من أهم وزارات هيكلة دولة بحجم مصر وتراثها. ــ ملف عودة الريادة المصرية في المنتج الثقافي بكل أنواعة حضورها البرَّاق، وتعتلي المشهد الثقافي والمعرفي في الإقليم العربي وشمال أفريقيا، ولن يتحقق هذا إلا عندما لا نتكيء على قوتنا الناعمة في الماضي؛ بل حين نقدِّم منتَجًا ثقافيًّا ذا قيمة معرفية وجمالية فائقة وجميلة، نحافظ فيه على هُوَيتنا شرط تجدُّدها وتطويرها الدائم، وهي حالة من إيقاظ الوعي بعناصر العقلانية وقِيَم الجمال في الموروث، وتطويرها بقِيَم الحداثة والعصرنة في حالة من الجدل الحيوي الدائم لا تضمن المشاريع الثقافية – التي تُفتتح كل آن، والمهرجانات، والمشاركات في الأنشطة المحلية والدولية – ازدهار الحالة الثقافية؛ ما يضمن الازدهار الحقيقي أن يملك المسئول الثقافي الرؤية والفكر الذي يقدَّم، وأن يزْكِيَ روح الإبداع التي تجعل الجميع في حالة وَثَبَات عطاء متجدِّد وأصيل وحقيقي.