بقلم …معاذ الحسيني
هناك بعد المبطلات الصيام المجمع عليها من العلماء من هذه المبطلات ,الأكل والشرب من مبطلات الصيام، وعلى فاعلها إثم، وعليه قضاء ما أفطره من أيام رمضان، قال ابن المنذر: (لم يختلف أهل العلم أن الله عز وجل حرَّم على الصائم في نهار الصوم الرفث وهو الجماع والأكل والشرب)]
الجماع أيضاً من مبطلات الصيام، وعلى من فعلها إثم، وقضاء وكفّارة مُغلّظة، والكفارة تكون بفكّ رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستّين مسكيناً. وقد ورد في الحديث الشريف ما يدلّ على أنّ الصيام يكون بالامتناع عن الجماع: (والَّذِي نفْسِي بيدِه لَخَلُوفُ فمِ الصائمِ أطيبُ عند اللهِ من رِيحِ الِمسْكِ ، يَتركُ طعامَه وشرابَه وشَهوتَه من أجلِي ، الصِّيامُ لِي وأنا أجَزِي به ، والحَسنةُ بعَشْرِ أمْثالِها).[] يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (ما يفطر بالنصٍّ والإجماع وهو: الأكل والشرب والجماع).[]
الحيض والنّفاس: وهي من مبطلات الصيام، ولو كانت قبل الغروب بلحظات، وعلى المرأة القضاء، ولا إثم عليها. وهو كما ورد عن ابن قدامة بإجماع العلماء على هذه المسألة.]
الرّدة: فلا صيامٌ يُقبل من غير المسلم، فالصّوم كالعبادات الأخرى تحتاج إلى النيّة، ومن كفر فقد خرج بنيّته عن الإسلام، وعليه أن يقضي هذه الأيام بعد عودته للإسلام، وهو لما ورد في الآية الكريمة: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَءايَـٰتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَـٰنِكُمْ).[]
القيء عمداً: أجمع العلماء الأربعة في مذاهبهم على أن الإستقاء عمداً يُفطر، وعلى المسلم أن يقضي هذا اليوم.
مبطلات الصيام المُختَلَف عليها
أكل ما لا يُؤكل: ويكون كبلع الحصى، والتراب، والحديد وغيره ممّا لا يؤكل، قال فيه العلماء الأربعة بالإفطار، أمّا كل من أبو طلحة الأنصاري والحسن بن صالح فقالا بعدم الإفطار، إلا أنّ الرأي الأول كان أقرب إلى الصّواب، وذلك لأنّ من شروط الصّيام هو عدم إدخال أي شيء إلى الجوف سواء عن طريق الفم أو غيره.
إدخال شيء للجوف دون طريق الفم: وهو كما يأتي:
قطرة الأنف والأذن: قال كلّ من الحنفية، والشافعية، والحنابلة بإفطار المُسلم إذا استعمل قطرة الأنف والأذن أثناء الصّيام، إلا أن المالكية أقرّوا بتمام الصّيام طالما لم يصل المحلول إلى الحلق.
وضع الكحل: قال كل من الحنفية والشافعية بعدم فساد صيام من يستعمل كحل العين في الصّيام، أمّا المالكية والحنابلة فقالوا بإفطار المسلم إذا وصل الكحل إلى الحلق وشعر المسلم بطعمه.
الحقنة الشّرجية: قال كلّ من الحنفية والشافعية والحنابلة أن الحقنة الشرجية من قُبُلٍ أو دُبُر فهي مُفسدة للصّيام، لأنّه إيصال للجوف، وقالت المالكية بأن الحقنة الجامدة لا تُفسد الصّيام، بينما السائلة تُفسده.
قطرة الإحليل: قال كل من الحنفية والمالكية والحنابلة بأنّها لا تُفطر وذلك منفذين لعدم وجود باطن الذكر والجوف، أما عند الشّافعية فإنّها تُفطر لأنّ الإفطار يتعلّق بالخارج منها بعد أخذها.
جراحة الدّماغ والجوف: قال كل من الحنفية والشافعية والحنابلة بأنّها تُفسد الصيام لأنّها تصل إلى جوفه ودماغه، إلّا أنّ المالكية قالت غير ذلك لأنّه لو وصل إلى الدماغ لتسبّب بالوفاة.
الوطر بغير جماع: ويأتي بأكثر من صورة:
التّقبيل:
إذا قبّل فأنزل فإنّه يُفطر دون خلاف بين الأئمة، وقال فيها ابن قدامه: (ولأنه إنزال بمباشرة، فأشبه الإنزال بالجماع دون الفرج).[]
إذا قبّل فلم ينزل: فإنّه يُفطر دون اختلاف؛ لأنّه مباشرة دون جماع.
إذا قبّل فأمذى: قال كل من الحنفية والشافعية بعدم فساد الصوم لمشابهته بالبول، إلا أنّ المالكية والحنابلة رأووا أنّه يُفطر لأنّ في خروجه شهوة.
الاستمناء: اتّفق علماء المذاهب الأربعة على أنّ الاستمناء يُفطر سواء كان باليد أو بغيره، لمشابهته بالقبلة المصحوبة بشهوة، وقال ابن حزم الظاهري أنّه لا يُفطر لعدم ورود نصوص بإفساده للوضوء.
التفكير بالشّهوة: وفيها رأيان: إذا فكّر فنزل فلا يفطر، وذلك للحديث الشريف عن الرّسول عليه السّلام: (إنَّ اللهَ تجاوَز لأمَّتي عن كلِّ شيءٍ حدَّثَتْ به أنفسَها ما لم تتكلَّمْ أو تعمَلْ به).[]
النظر إلى شهوة: قال كل من الحنفية والشافعية بعدم فساد الصوم لعدم احتوائه على أي صورة من صور الجماع، إلا أنّ المالكية والحنابلة قالوا بفساد الصوم لاحتواء هذا الفعل على الشهوة والتلذّذ.
الحجامة: قال كل من الحنفية والمالكية والشافعية وابن حزم الظاهري بعدم إفسادها للصّيام، وقال الحنابلة بأنّ الحاجم والمحجوم يفسد صيامهما.
بلع بقايا الطعام العالق في الفم: إذا كان يسيراً لا يمكن الاحتراز به فإن بلعه لا يُفطر بالاجماع، وشبّهوه ببلع الرّيق، أمّا إذا أمكن احترازه فقال كل من المالكية والشافعية والحنابلة بأنّه يُفطر حتّى لو كان يسيراً، لأنّه بلع طعاماً بمعرفته واختياره، واختلف الحنفيّة عنهم بالقول إنّه لا يُفطر وإن كان كثيراً، وعلّلوه كمن يبلع ريقه.
مضغ اللّبان: قيل أنّه لا يفطر إلا إذا وصل إلى الحلق، تماماً ككحل العين، وألزم المالكيّة بالكفّارة لأنّه أكل اللّبان عمداً فكان إفطاره عامداً، أما عند الحنفية فإنّه يُكره ولا يُفطِر لوصوله إلى الحلق دون شكّ.
الإغماء: قال العلماء فيمن نوى الصّيام ليلاً وأُغمي عليه لما بعد غروب الشمس: قال الحنفيّة بعدم فساد صومه لوجود النّية، أجمع جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة بفساد الصيام ووجود قضائه.
بعض الأدوية العلاجية:
بخّاخ الربو: وهو ما يحتوي على مستحضرات طبّية وأوكسجين، وقد أفتى بها الشيخ ابن عثيمين بعدم إفسادها للصّيام، إلا أنّ الأطبّاء أكّدوا دخول هذه المادة إلى المعدة، وعليه فإنّها تُفسد الصيام.[]
التغذية عن طريق الأنف: يكون الأنف في هذه الحالة مُنفّذاً كالفم تماماً، وما يدخل منه لهذا الهدف يكون مُفسداً للصيام.
الحقنة الشرجيّة: وتُشكّل كل من التحاميل، أو اللبوس، أو أقماع البواسير، أو المراهم المُستعملة في تخفيف آلام البواسير، أو خفض درجة الحرارة، وتقوم بعملها من مكانها من خلال الأوردة الدمويّة، ولا تستغرق وقتاً طويلاً أيضاً، وعليه فإنّها لا تؤثّر على صحة الصوم.
الإبرة:
الإبرة التي توصل المُغذّيات إلى غير الأوردة والشّرايين: لا تُبطل الصيام لأنّها لا تصل إلى جوف البدن من خلال المسام، كالاغتسال تماماً.
الإبرة التي توصل المُغذّيات مياشرة إلى الأوردة والشّرايين: تُفسد الصّيام لأنّها تصل إلى الجوف وتمدّ الجسم بالجلوكوز والصوديوم والاملاح، فيأخذ الجسم حاجته ويكتفي بها عن الأكل والشرب.
التّخدير:
عن طريق الأنف: كشم مادة مُخدّرة، فإنّ شمّها الصائم دون أن يغيب عن الوعي فلا يُفطر، أما إذا غاب عن الوعي فإن صيامه يفسد بسبب فقدانه للوعي وليس بسبب المادة المُخدّرة.
عن طريق الإبر الصّينية: لا يؤثّر على صحّة الصيام لعدم دخول أي شيء إلى جوف الجسد بسببها.
عن طريق الحقن: إذا كانت الحقنة المُخدّرة عن طريق الأوردة والشّرايين فإن الصيام يُبطل بسبب دخول شيء إلى الجوف، أما غير ذلك من الإبر المُخدّرة كإبرة العضل فلا تُفطر طالما لم تُسبّب الإغماء.