نشأه العبيد في أمريكا


بقلم .. احمد عدلي تمام

كيف نشأت الولايات المتحده ؟
في فرنسا ، وبالتحديد في 10 مايو من كل عام ، يعتبر هذا اليوم
يوم وطنيا لتذكر تجارة العبيد ومعاناتهم وآلام انتقالهم إلي العالم الجديد في الفترة
بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر .. فعند الحديث عن أمريكا كمثال ، وبعد اكتشاف
قارات العالم الجديد ، بدأ التوسع الأمريكي داخل أراضي الهنود –السكان الأصليين- فتحالفت
القبائل الهندية مع بعضها واتفقت علي قتالهم وأعلنوا أنهم يفضلون الموت علي الاستسلام
للعبودية وزاد من عزيمتهم تحريض الإنجليز لهم بل وأمدوهم بالأسلحة ليفسح لهم المجال
للعودة للمنطقة مرة أخري إذا ما تمت هزيمة الجيش الأمريكي ، وبالفعل انتصر الهنود عليهم
وتم تدمير الجيش الأمريكي لكن حدث خيانة للهنود من جانب المعسكر الإنجليزي مما جعل
الأمور تعود مرة أخري لصالح الأمريكيين ثم وقّع الهنود بعدها اتفاقية بالإجبار ليتخلوا
بموجبها عن ثلثي الأرض ، وتم تطبيق سياسات ملتوية معهم كي يحصلوا علي بقية الأرض وهو
ما اتضح من رسالة توماس جيفرسون إلي حاكمه الإقليمي وليام هاريسون يقول فيها
“عبر نظام المصنع سيجلب السكان الأصليون ديونا علي أنفسهم أكبر مما يقدرون علي
سداده ،  وسيقدرون علي سداد تلك الديون فقط
عبر تنازلهم عن الأرض” وبحلول عام 1807 حصل الأمريكيون علي معظم أرض الهنود إما
بنزع الملكية أو الغزو .

كيف نشأت تجاره العبيد ؟
وبحلول عام 1807 حصل الأمريكيون علي معظم أرض الهنود إما
بنزع الملكية أو الغزو .
 وفي تلك الأثناء
كانت تجارة العبيد مستمرة في الولايات المتحدة ، فكانت نيو أورليانز أكبر مستودع للعبيد
في شمال أمريكا واكتظت بأسواق النخاسة حيث تري العبيد يُجلدون ويُساقون مُقيدين بالأغلال.
و انتشر العبيد شمالا وكانوا خدما وعملوا جنوبا في الزراعة وهو ما ساعد كثيرا في نمو
الجنوب الأمريكي كما حلل المؤرخ إدوارد بابتيست الذي أثبت أن تحول الجنوب إلي إمبراطورية
قارية للقطن كان سببه العبيد الذين تلقوا تعذيبا شنيعا من مُلاكهم فاستخرجوا منهم  انتاجا مذهلا جعل الولايات المتحدة تسيطر علي تجارة
القطن في العالم ، كما قدّر بعض المؤرخين تعداد العبيد نحو 6 ملايين وهم الذين تم نقلهم
إلي العالم الجديد خلال القرن 18 ، فكان يتم ضرب العبيد وإلزامهم بالأعمال الشاقة مقابل
القليل من الطعام كما روى فريدريك دوجلاس عن سيده أنه كان يتركه يتلوّى من الجوع بينما
يتعفن الطعام عنده ، في الوقت الذي كانوا يسمحون لهم بالخمور لأنها تجلهم لا يفكرون
في حريتهم وتكبح عندهم جماح الهرب من أسيادهم .كما أن الدستور الصادر عام
1787  كان به مواد نصت علي السماح بالعبودية
وعدم تقديم المساعدة للعبد الهارب.
 كما لم يُسمح لهم
بالتعليم فالعبد لا يجب أن يتعلّم سوى طاعة سيّده، لأن التعلم  سيجعله متمردا غير راضٍ عن عبوديته متطلعا إلي الحريّة
ومُنعوا من أداء الطقوس الدينية حتي العلاج كان محظورا عليهم وكان يُصرف لهم الملح
الإنجليزي فقط في أي حالة مرضية فانتشرت الأمراض فيما بينهم كالجُدري والحصبة والدفتيريا
والتيفود ، وفي الجيش كان المتطوعين السود في الجيش كان يتم منحهم راتب عمال لا جنود
بحجة أن الراتب المتساوي سيمنع تطوع الجنود البيض ، كما لم يُسمح لهم بالترقية للمراتب
المميزة ، والسجناء السود كانوا يُغتالون أو يُستعبدون بواسظة الإتحاديين.
وعدما أقرت الحكومة نظام التجنيد الإجباري الذي كان يطمح
إليه السود هاجت الطبقة العاملة ضد الحكومة واعتدت علي السود لاعتقادهم أنهم سوف يحتلون
أماكنهم في العمل فشنقوهم وأحرقوهم وكان هتافهم “احرق ودمر كل زنجيّ” وصُنفت
هذه الأحداث كأسوأ شغب في تاريخ أمريكا ، “فالتعصب العنصري يمنح مُلاك العبيد
شعورا بالرضا عن أنفسهم ” .
ولأن العنصرية تم توارثها عبر الأجيال ، أيضا توارث المناضلون
جينات النضال ضد العنصرية حتي حمل اللواء من بعدهم مارتن لوثر كينج الذي ذاق مر العنصرية
وهو طفل صغير لكره أصدقائه البيض له ونظرهم له بعين الاحتقار ، وكبر مارتن لوثر وكبرت
معه العنصرية وشهدها داخل أسوار الجامعة وخارجها أيضا فكانت العنصرية ضد السود في كل
شئ حتي القطارات كان للبيض عربات خاصة لا يُسمح للسود بدخولها.
في تلك الأثناء عمل مارتن لوثر علي النضال السلمي وندد بتلك
الأفعال العنصرية ونادى بضرورة المساواة وحصول السود علي حق الانتخاب واستمر في دعواته
تلك حتي تم اغتياله ، لأنه كان يحلم بجلوس أبناء العبيد وأبناء مُلاك العبيد علي مائدة
واحدة .. لأنه كان يحلم بدولة تعامل أطفاله علي أساس شخصيتهم لا علي أساس لونهم ..
لأنه نادي بالحرية والمساواة التي قٌتل فيها كل من نادي بالمساواة مثل مالكولم إكس
الذي ى من مُر الإضطهاد العنصري أيضا في دولة فتك بها داء العنصرية
تاريخ
إن أغلب الدول الديموقراطية حاليا كانت في فترة من فتراتها
دكتاتورية عنصرية عانت فيها الطبقات الفقيرة ، فالثورة الفرنسية قامت ضد الطبقة الملكية
رفضا للظلم الاجتماعي والقهر والفقر .. كما كانت العبودية سمة رئيسية في تلك البلدان
والتي بدأت منذ القرن السادس عشر حيث كانت تجارة العبيد الأفارقة هي الأشهر خاصة بعد
اكتشاف العالم الجديد من اشهر تلك البلاد : البرتغال وهولندا وانجلترا وفرنسا  والذين ساهموا كثيرا في تجارة العبيد الأفارقة ونقلهم
إلي العالم الجديد حيث المعاناة  والقهر والألم
الجسدي والنفسي.
شخصيات واحداث مفتاحية
يعد فريدريك دوجلاس أحد أبرز المناضلين ضد العبودية في أمريكا
، حيث قضى أول عشرين عاما من حياته عبدا ثم تعلم القراءة والكتابة فكان يرى أن العبودية
تقف حائلا أمام صنع المرء لنفسه ، لذا حمل علي عاتقه مهمة إلغاء العبودية وعمل علي
المساواة لصالح العبيد بعد انتهاء الحرب الأهلية وبعدها أصبح أول أمريكي من أصل أفريقي
يُرشّح لمنصب نائب رئيس الولايات المتّحدة.
وجهة النظر الأخري
بتعبير الفيلسوف هيجل “العبودية هي خاصية أفريقية بامتياز
إذ إن في كل الممالك الإفريقية المعروفة تشكل العبودية مؤسسة محلية وهي تطغى بشكل طبيعي.
ورغم أن الأوربيين يبيعون الأفارقة كعبيد في العالم الجديد ، لكن مع ذلك فمصير هؤلاء
المستعبدين لو بقوا في بلدانهم الأصلية أنكى وأشد بسبب وجود عبودية مطلقة هناك”
ربما كانت تلك الكلمات ذريعة لبعض المؤرخين مثل المؤرخ الأمريكي
ستيفان هان لتعليل انتشار العبودية في أمريكا بوجود العبودية في افريقيا منذ زمن بعيد
كنتيجة للأسر في الحروب والنزاعات مما أدى إلي نقل  الأسرى إلي سواحل الأطلسي من قِبل الأفارقة أنفسهم
دون مشاركة الأوروبيين. كما ذكر المؤرخ فيليب كورتان في كتابه”تجارة العبيد الأطلسية”
أن تجارة العبيد لعبت دورا ايجابيا في تاريخ إفريقيا لأنها نقلت عبدة الأصنام الإفارقة
إلي التمدن المسيحي الغربي كما أنها كانت عاملا في زيادة وعي إفريقيا المظلمة ومنحت
العبيد فرصة الحصول على رعاية رحيمة من طرف ملاكيهم الأوربيين والأمريكيين.

Related posts

Leave a Comment